كيف أعيش حياتي كما عاش السيد المسيح؟

 كيف أعيش حياتي كما عاش السيد المسيح؟

 
أعزائي الباحثين،

 يسرنا أن نسمع عن إيمانكم ورغبتكم ان تعيشوا حياتكم سائرين في خطى المسيح. هناك بعض العناصر الواضحة في حياة المسيح التي يمكن أن نتبعها لنعيش كما عاش هو.

١- حضّر نفسه للمهمة: يرينا المسيح أنه علينا أن نحضّر أنفسنا ونحسب حساباتنا كي نتبعه. وقد قام هو أولا ً بفعل ذلك كمثالٍ لنا إذ يعلمنا الكتاب "فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع أيضاً: الذي إذ كان في صورة الله، لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله. لكنه أخلى نفسه، آخذاً صورة عبد، صائراً في شبه الناس. وإذ وجد في الهيئة كإنسان، وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب" (الرسالة إلى فيلبي ٢: ٥-٨). وقد دعانا المسيح أن نحسب نحن أيضا ً أتباعه حساب النفقة إذ قال: "من لا يحمل صليبه ويأتي ورائي فلا يقدر أن يكون لي تلميذاً. ومن منكم وهو يريد أن يبني برجاً لا يجلس أولاً ويحسب النفقة هل عنده ما يلزم لكماله. لئلا يضع الأساس ولا يقدر أن يكمل فيبتدئ جميع الناظرين يهزأون به. قائلين: هذا الإنسان إبتدأ يبني ولم يقدر أن يكمل" (لوقا ١٤: ٢٧-٣٠). ويحذرنا المسيح هنا "ليس أحد يضع يده على المحراث وينظر إلى الوراء يصلح لملكوت الله" (لوقا ٩: ٦٢)، و"إن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم ويتبعني. فأن من أراد أن يخلص نفسه يهلكها ومن يهلك نفسه من أجلي فهذا يخلصها. لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وأهلك نفسه أو خسرها؟" (لوقا ٩: ٢٣- ٢٥).

٢- أبقى عينيه على الهدف: من مميزات حياة المسيح أنه كان مصمم أن يتمم مشيئة الآب بغض النظر عن الظروف المحيطة فقد اسلمه وخانه الذي كان يغمس معه الخبز وتخلى عنه أصدقائه وتلاميذه وسخر منه إخوته وحاول الكثيرون قتله وفي النهاية نجح رجال الدين ورئيس الكهنة، طبعأً بمشيئة المسيح، من إتمام ما أرادوا ان يفعلوه به، ولكنه لم يحد عن الهدف ولم يستخدم قوته ولم يردخ لإغراءات إبليس الذي حاول أن يثنيه عن هدفه حتى بإستخدام أقرب تلميذ إليه ليثنيه عن الذهاب إلى الصلب. لذلك يعلمنا الكتاب المقدس أنه يجب أن نحيا حياتنا المسيحية "ناظرين الى رئيس الإيمان ومكمله يسوع، الذي من اجل السرور الموضوع امامه، احتمل الصليب مستهينا بالخزي، فجلس في يمين عرش الله. فتفكروا في الذي إحتمل من الخطاة مقاومة لنفسه مثل هذه لئلا تكلوا وتخوروا في نفوسكم." (الرسالة إلى العبرانيين ١٢: ٢-٣). فلا تعطي مجالا ً لأي كان أن يثنيك عن قرارك أن تتبع المسيح لأن الكتاب يحذرنا : "إصحوا واسهروا. لأن إبليس خصمكم كأسد زائر، يجول ملتمساً من يبتلعه هو. فقاوموه، راسخين في الإيمان، عالمين أن نفس هذه الآلام تجرى على إخوتكم الذين في العالم" (رسالة بطرس الرسول الأولى ٥: ٨-٩).

٣-  إهتم بعلاقته مع الآب السماوي: لقد أعطانا المسيح مثالاً في العلاقة المطلوبة من كل مؤمن مولود روحياًز فالمولود الروحي هو إبن وبنت لله حسب تعليم الكتاب. ونرى في المسيح ثلاثة أمثلة يمكننا إتباعها:

أ- كان يأخذ وقتا ً يبتعد عن كل شيء ويتكلم مع الآب وهذا ما نسميه بالصلاة، أي أخذ الوقت من نهارك لتمضي وقتا ً مع الله. يقول الكتاب " وبعدما صرف الجموع صعد الى الجبل منفردا ليصلي. ولما صار المساء كان هناك وحده" (متى ١٤: ٢٣). فعلاقة الإبن بالآب كانت مهمة جدا ً بالنسبة للمسيح وهي مهمة في حياة المؤمن لكي يواجه مشاكل الحياة ولكي يسمع صوت الرب وإرشاده بالروح القدس لذلك تقول كلمة الله " واظبوا على الصلاة ساهرين فيها بالشكر" (الرسالة إلى كولوسي ٤: ٢).

ب- كان يستخدم كلمة الرب في محاربة الشكوك والإغراءات وكان يعرفها عن ظهر قلب مما جعله قادرا ً أن يميز حتى عندما حاول الشيطان أن يستخدم الكلمة ليعطي نتيجة عكسية (إقرأ متى ٤: ١- ١١). ويعلمنا داوود عن سر نجاحه في المزامير "خبأت كلامك في قلبي لكيلا أخطئ اليك" (المزامير ١١٩: ١١)، و" لكن في ناموس الرب مسرته وفي ناموسه يلهج نهارا ً وليلاً. فيكون كشجرة مغروسة عند مجاري المياه.التي تعطي ثمرها في أوانه. وورقها لا يذبل. وكل ما يصنعه ينجح" (المزامير ١: ٢). إذا أردنا إتباع المسيح علينا أن نمضي وقتاً في الكلمة ونحفظ أجزاء منها لكي ننجح في حياتنا الروحية ونصمد في مواجهة هجومات الشرير وفي فهم مشيئة الآب لحياتنا ومسرته في إختياراتنا.

ج- كان يصنع خيرا ً ويضحي من أجل الآخرين. يقول عنه الكتاب "... الذي جال يصنع خيرا ويشفي جميع المتسلط عليهم إبليس، لأن الله كان معه" (أعمال الرسل ١٠: ٣٨). وعندما ترجى التلاميذ المسيح أن يأكل "طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني وأتمم عمله" (يوحنا ٤: ٣٤).  لذلك يعلمنا الكتاب "بهذا قد عرفنا المحبة أن ذاك وضع نفسه لأجلنا فنحن ينبغي لنا أن نضع نفوسنا لأجل الأخوة.  وأما من كان له معيشة العالم ونظر أخاه محتاجاً وأغلق أحشاءه عنه فكيف تثبت محبة الله فيه؟  يا أولادي لا نحب بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق" (رسالة يوحنا الأولى ٣: ١٦-١٨). كما قال المسيح "لأني جعت فأطعمتموني. عطشت فسقيتموني. كنت غريباً فآويتموني. عرياناً فكسوتموني. مريضاً فزرتموني. محبوساً فأتيتم إلي...الحق أقول لكم، بما أنكم فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر فبي فعلتم" (متى ٢٥: ٣٥-٣٦ و٤٠). طبعا ً علينا أن نثق بتعاليم المسيح عن هذه الأمور ونطيع وصاياه إن كنا نريد أن نعيش كما هو عاش  وهناك دروس كثيرة في كل من هذه العناصر ولكن هذه بداية جيدة لأي شخص يريد أن يسير في خطى المسيح ويكون تلميذاً له.

نصلي أن يقودكم الرب في رحلتكم الجديدة مع المسيح ويريكم ملذة هذه الحياة التي تفوق أي إختبار بشري، ولإلهنا كل المجد.