٤- ركائز الايمان المسيحي

ركائز الايمان المسيحي 

 
 

من هو الله؟

لسنا نحاول هنا أن نضع تعريفًا لله أو أن نورِد صفاته حَصْرًا. ولكنّنا نشير هنا إلى الصفات التي تُمَيِّز الله في الكتاب المقدس، والتي تختلف عن الصورة التي يريد عدو الخير أن يصوِّرها للبشر، أو التي يتخيّلها البعض بسبب مذهَب ما يشوِّش صورة الله في ذِهن الإنسان. يتصوّر البعض أنّ الله يُمكِن أن يغيِّر فِكره وأنّه لا يوجد أساس لعقابِه. حتّى أنّ البعض قرّر أنّه لا يمكن لنا أن نَأمن غدر الله! ولكن في الحقّيقة ما هي طبيعة الله حسب كلمة الله ذاته من خلال الكتاب المقدس؟

الله لا يتغيَّر ولا يُغيِّر كلامه مُطلقًا: لا يُعطِي الله كلامه للأنبياء ثُمّ يغيّره أو ينسخه أو يأتي بما هو أفضَل منه! ذلك أنّ طبيعة الله غير متغيِّرة أيضًا. فقَبل أن يخلِق الله الملائكة أو البشر كان يُحـِب ويتكلّم. ويتطلّب ذلك أن تكون وحدانيّة الله المتكلِّم والمُستمِع، المُحِب والمحبوب وحدانيةً جامعة وليس وحدانية مُطلقة. في الوحدانية المطلقة، لكي يتمكّن الله من الكلام والمحبة لابد من وجود الخليقة، ويستلزم ذلك تغييرًا في طبيعة الله قبل الخليقة وما بعدها. واستحالة تغيير الكيان الإلهي تُناقض هذه الفرضيّة. فالله له كلّ المجد كامل في ذاته. الله قدوس وعادل: لايمكن أن يتهاون مع الخطيئة، لا مع شعبه ولا حتى مع أنبيائه، ولا يمكن أن يساوم على عقاب الخطيئة. تَظهر أعمالنا أمام قداسة الله في نقصها وعدم نفعها وهي لا تكفي أن تكون أساسًا للغفران. كما أنّ وَعْد السارق بأن يعطي الفقير مِمّا سرق ليس مُبرِّرًا يعفيه من عقاب وشرّ ما فعل! الله محب ولا يريد أن يهلك الإنسان في جهنم. لذلك قرّر الله منذ الأزل تجهيز خطّةٍ لخلاص النفس البشرية وفدائها. وقد سدّد الله أجرة خطايا الإنسان نيابةً عنه.

 

المسيح هو ابن الله:

يتصوّر البعض أنّ ولادة المسيح هي نتيجة تناسُل الله بشكلٍ ما. وليس في ذلك أدنى قدر مِن الصحّة. ولكنّ ولادة المسيح لها شِقّيْن. الأول هو ولادته بالجسد في أرضنا، وقد حدث ذلك بأن حلّ الروح القدس على المطوّبة مريم وهي عذراء فأنجبَتْ المسيح من دون تدخُّل بشري. أمّا على الصعيد الروحي فبنوّة المسيح تعني خروجه الأزلي من عند الله وهو حامل لجوهر الله (أنظر الرسالة إلى العبرانيين٣:١) وصورة الله التي تمثّلت في جسد بشر، "الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً للّه" (رسالة فيلبي ٦:٢).

ما الداعي أن يكون لله إبن هو المسيح؟ ولماذا جاء إلى الارض؟

لم يُخلَق المسيح ولكنه وُلد. بمعنّى أنّه كان موجودًا منذ الأزل في الله. ولكنه أُظهِر في الجسد بميلاده. فهو أزليٌ في الله القدير. (أنظر يوحنا ٥٨:٨، والرسالة إلى العبرانيين ١٤:٩)، "لأنّه يولَد لنا وَلد ونُعطَى ابنا، وتكون الرياسة على كتفه، ويُدعَى إسمُه عجيبًا مشيرًا إلهًا قديرًا أبًا أبديًّا رئيس السلام" (إشعياء ٦:٩). جاء المسيح إلى عالمِنا طاعةً لله الآب الذي أراده فديةً عن الخُطاة. وقد توافقت مشيئة الله الآب مع مشيئة الابن، "مع كونه إبنا تعلّم الطاعة مما تألم به" (الرسالة إلى العبرانيين ٨:٥).