لماذا صام الرب يسوع رغم عدم حاجته إلى الصيام؟

لماذا صام الرب يسوع رغم عدم حاجته إلى الصيام؟ 

 
أعزائي الباحثين،
 
على الرغم من ان ربنا يسوع المسيح هو أحد الاقانيم الثلاثة للاله الواحد الله الذي لا اله آخر سواه ، الا ان تجسده من العذراء المباركة مريم في العالم لصنع الفداء بموته على الصليب كان لينوب عن الانسان في دفع أجرة خطاياه " لأن اجرة الخطية هي موت ، واما هبة الله فهي حياة ابدية بالمسيح يسوع ربنا " (رسالة رومية ٦ : ٢٣). وعلى رغم من كون المسيح هو الله بكل كماله ظاهرا في الجسد، إلا أن مهمة الفداء التي تجسد ليتممها كانت تتطلب ان يكون انساناً بكل ما في الكلمة من معنى، والا لما كان يصلح لهذا الامر. فالانسان اخطأ الى الله. وعليه، فإن الانسان هو المُطالب بتعويض الله مجده المهان بخطية الانسان. ولكون كل الناس خطاة ولا يصلح فيهم من يقوم بعمل الفداء، فإن المسيح تجسد بنعمته ومحبته لمعالجة مشكلة الخطية، وكان يجب ان تكون له صفات الانسان الكامل ليقدر ان ينوب عن الانسان ، فتأخذ عملية الفداء مجراها الطبيعي امام الله. فلا يجب االخلط بين ناسوت المسيح (اي المسيح في الجسد) ولاهوته (كون المسيح هو الله).
 
فالمسيح بتجسده كإنسان، كان يجب ان يختبر كل المعاناة التي سببتها الخطية للجنس البشري. لذلك نقرأ عن المسيح في الكتاب المقدس انه تعب ونام وجاع وعطش وبكى وتألم وصرخ. فله كل المجد كان انسانا كاملا. ولكن ما ميزه عن كل البشر كانسان ، كان اتكاله الكامل على الله كأبيه والهه كما يفترض ان تكون حال كل انسان. لذلك نقرأ عنه كثيرا انه كان يصلي، وقد صام لمدة اربعين يوما ، كما انه تعرض للتجربة من قبل الشيطان . لكنه لم يسقط في الخطية لانه كالانسان الكامل كان مستندا الى كلمة الله في كل ما كان يفعله او يفتكر فيه، ولذلك نرى المسيح يجيب الشيطان على تجاربه الثلاثة بالقول "مكتوب" (أنظر متى ٤).
 
من ناحية ثانية ، فان الصيام في مفهومه الروحي هو تعبير عن ضعف الطبيعة البشرية وحاجة الانسان الى الله لسداد اعوازه ان كانت روحية او مادية او معنوية. والمسيح بصومه كان يعبر كالانسان الكامل عن استناده الكلي على الله في كل ما يحتاج اليه. وقد برهن من خلال حياته في الجسد انه الانسان النموذجي الفريد الذي ارضى الله الى التمام، بحيث ان الله له المجد شهد عنه في اكثر من مناسبة ، وقال بصوت مسموع " هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت " ( أنظر متى ٣ و ١٧)، له المجد والكرامة والسلطان الى ابد الآبدين . آمين.